اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 369
لِلسَّائِلِينَ عن دقائق المعارف والحقائق ورقائق الايمان والعرفان لو تأملوا في رموزها وإشاراتها واعتبروا منها
اذكر لهم يا أكمل الرسل وقت إِذْ قالُوا اى اخوة يوسف حين بثوا الشكوى من أبيهم في خلواتهم حاسدين على يوسف وأخيه والله لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ بنيامين أضافوه اليه لكونه من امه وهم ليسوا كذلك أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا يؤانس بهما ويتحنن نحوهما وَنَحْنُ عُصْبَةٌ فرقة ذووا قوة وكفاية نحن نستحق وننبغى ان يحننا ويلتفت إلينا وبالجملة إِنَّ أَبانا في تفضيل المفضول وترجيح المرجوح لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ظاهر المخالفة بالعقل والعرف فعليكم ايها الاخوان ان تتأملوا في امر أبيكم وتحتالوا لمقت يوسف وهلاكه حتى لا يلحق العار عليكم ولا يمحقكم الحقد والحسد
وبالجملة اقْتُلُوا يُوسُفَ حتى ييأس أبوكم منه ويقبل نحوكم بالمرة أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً بعيدة عن العمران غاية البعد حتى ينساه أبوه وحينئذ يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ اى يخص ويخلص لكم مواجهة أبيكم خاليا عن اغياركم ويقتصر حينئذ التفاته وتحننه نحوكم وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ اى بعد فقد يوسف عن نظر أبيكم وغيبته من عنده قَوْماً صالِحِينَ لخدمته وصحبته وموانسته او المعنى بان تتوبوا بعد ما قد صدر عنكم هذه الجريمة وتكونوا من بعده قوما صالحين تائبين نادمين وبعد ما شاوروا في مقت يوسف وطرحه وطرده
قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ وهو يهودا وكان أحسنهم رأيا لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ إذ نحن عترة الأنبياء لا يليق بنا قتله بلا رخصة شرعية وَان أردتم ان تدفعوه عن عند أبيكم أَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ الذي على متن الطريق يَلْتَقِطْهُ ويذهب به بَعْضُ السَّيَّارَةِ اى بعض السائرين في اقطار الأرض الواردين على الماء فلا طريق لكم لطرده وتبعيده سوى هذا إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ قاصدين جازمين ان تفعلوا معه ما يبعده عن وجه أبيه وبعد ما سمعوا من يهودا ما سمعوا فقد استقر رأيهم على ما رأى فأخذوا يحتالون ويمكرون لينالوا ما قصدوا به فاجتمعوا يوما عند أبيهم تحننا عليه وتواضعا
قالُوا له على سبيل الشكوى واظهار الحزن يا أَبانا نحن بنوك وعبيدك ويوسف أخونا وقرة أعيننا وقوة ظهرنا ما لَكَ واى شيء منا وصل إليك وحصل دونك لا تَأْمَنَّا ولا تجعلنا أمينا مشفقا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا في أنفسنا لَهُ لَناصِحُونَ مشفقون حافظون حارسون مريدون الخير له ثم لما تفرسوا بان كلامهم قد اثر في أبيهم ولاح منه امارات الرضا والتسليم أخذوا في المكر حيث قالوا متضرعين اليه متحننين نحوه
أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً نخرج الى الصحراء مستنشقين يَرْتَعْ ويتفكه من انواع الفواكه وَيَلْعَبْ بأنواع اللعب من الاستباق والانتضال تفريجا وتفريحا وَلا تخف من ان يلحقه مكروه إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ بجمعنا من عموم المكاره
وبعد ما قد الحوا بما الحوا بالغوا بما بالغوا قالَ أبوهم إِنِّي من شدة محبتي وشوقي اليه وتحننى وعطفي نحوه لَيَحْزُنُنِي مفارقته وأَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَمع ذلك أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ لان ارضنا هذه مذئبة وَأَنْتُمْ من شدة شغلكم على الرتع واللعب عَنْهُ غافِلُونَ حينئذ ذاهلون عن حصانته وحفظه
وبعد ما سمعوا منه كلامه قالُوا على وجه الاستبعاد والإنكار مقسمين تغريرا وتأكيدا لمكرهم وخداعهم والله لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَكيف اكله إذ نَحْنُ عُصْبَةٌ وجماعة أقوياء وذوو عدة وعدة وقدرة وقوة إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ ضعفاء ذليلون مغبونون انما قالوا ذلك على سبيل التشدد واظهار الجرأة والشجاعة كأنهم يستدلون على عدم وقوع المحذر به
فَلَمَّا احتالوا وبالغوا في المكر والحيلة الى ان ذَهَبُوا بِهِ اى
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 369